|
تبرعات قهرية
بقلم/ خالد حسان
نشر منذ: 11 سنة و 5 أشهر و 26 يوماً الأحد 13 فبراير-شباط 2011 12:04 م
· يتذمر الكثير من الموظفين من تعرض رواتبهم (الهزيلة أصلاً) لاستقطاعات إجبارية بين الحين والآخر تحت مبرر " تبرعات "، وهي مسألة غير قانونية حيث لا وجود لأي نص قانوني صريح أو ضمني يعطي أي جهة كانت الحق في العبث بمرتبات الموظفين كيفما تشاء.
· القانون يمنع منعاً باتاً الخصم الإجباري من الراتب تحت مُسمى " تبرعات " أي كانت هذه التبرعات ما لم تكن بموافقة صاحب الحق "الراتب"، ولكن هذا ما يقوله القانون أما في ممارساتنا التي دائماً ما تكون غير خاضعة لأية قوانين أو تشريعات, فإن الراتب لا حرمة ولا قدسية له، بل أصبح " ملطشة " وكل من أراد أن يظهر بمظهر إنساني في إغاثة الملهوف والمنكوب يوجه بخصم قسط يوم أو أكثر من هذا الراتب لصالح ضحايا كارثة ما أو فيضانات أو مرضى السرطان أو غيرها من المسائل والقضايا.
· مجلس الوزراء الذي يُفترض به أن يكون السلطة المسئولة عن تطبيق كافة القوانين وتنفيذها ومن ضمنها هذا القانون هو أول من يخترقه ويتجاوزه، حيث إنه دائماً ما يخرج علينا بقرارات الخصم من مرتبات موظفي الدولة تبرعاً لصالح قضية من القضايا والكوارث داخلياً أو خارجياً، بينما الأحرى به إذا أراد إظهار نفسه بصورة المهتم " اللي قلبه على ضحايا هذه الكارثة أو تلك " أن يوجه بالتبرع من الخزينة العامة للدولة، وإن لم تكن قادرة فلا داعي للإعلان عن التبرع، أو أن يفتح باب التبرع الاختياري أمام الموظفين لمد يد العون والمساعدة على أن يبدأ بأعضائه باعتبارهم القدوة، لا أن يجبر الآخرين على التبرع ليظهر بصورة إنسانية على حسابهم.
· مجلس الوزراء كان دائماً ينفرد باتخاذ مثل هذه الإجراءات غير القانونية, إلا أن محافظي المحافظات أصبحوا مؤخراً ينافسونه فيها، وصاروا يوجهون بالخصم من رواتب الموظفين في محافظاتهم لصالح قضايا معينة تحت مسمى " تبرع " في محاولة لإظهار الجانب الإنساني لديهم تجاه أبناء محافظاتهم وهو الجانب الذي يغيب تماماً في عملهم وتسييرهم لشؤون محافظاتهم ولا يظهر إلا عندما يتعلق الأمر بالتبرع من حقوق الآخرين.
· ربما قد لا نستغرب مستقبلاً إذا وصل الأمر حد إجبار الموظفين على التبرع للوزير الفلاني أو المسئول العلاني المغلوب على أمره لأنه لا يجد تكاليف رحلة الاستجمام السنوية التي اعتاد عليها في أوروبا، وأن التبرع له ضروري جداً ويدخل في نطاق تحقيق المصلحة العامة على اعتبار أن رحلته الاستجمامية هذه ذات فوائد على الوطن، كيف لا وهو سيعود من هذه الرحلة أكثر نشاطاً وحيوية وأكثر قدرة على الإبداع والابتكار لما فيه خدمة الوطن والمواطن.
· ما أود قوله هنا هو أنني لا اعترض على مبدأ إغاثة المنكوبين كعمل إنساني, ولكنني ضد أسلوب إجبار الموظفين على التبرع، فما نعرفه أن "ما أُخذ بالحياء فهو حرام"؛ وبالتالي فإن تبرع كهذا يؤخذ من رواتب الموظفين بالقوة ودون موافقتهم أمر غير مقبول, بل إنه ينفر الناس من الأعمال الخيرية والإنسانية. |
|
 |