· رغم صدور قانون التدوير الوظيفي قبل أكثر من عام تقريباً إلا أننا حتى الآن لم نلحظ ـ على الأقل في الإدارات والمرافق التي نعرفها ولنا علاقة بها ـ تطبيقه ليحقق الهدف الذي صدر من أجله، حتى وإن حدثت تغييرات لبعض المسئولين فإن ذلك لم يكن بهدف تطبيق القانون ولكن لأن المسئول الفلاني أو العلاني لم يعد مرغوباً فيه في منصبه كونه أصبح مصدر إقلاق للمسئول الأول في وزارته أو في محافظته؛ الذي يرغب في أشخاص أكثر استجابة ليس لتحقيق المصلحة العامة, بل لتحقيق نزواته ومصالحه الشخصية.
· التمسك بالمناصب مدى الحياة تقليد شائع تنفرد به الدول العربية دون غيرها، لذا نجد مسئولينا يبرعون في كل شيء إلا في تقديم الاستقالة، فهل رأيتم مسئولاً يعلن استقالته عن قناعة ورضا تامين بهدف المصلحة العامة وليس لأهداف شخصية؟! شخصياً لا أتذكر أنني سمعت شيئاً كهذا، بل إن الكثيرين يعتبرون قرار الاستقالة أو حتى التقاعد هزيمة لهم.
· بعض مسئولينا أشبه بشرائح الجوال التي تستمر مدى الحياة، غير أن هذه الشرائح أكثر فائدة منهم، فهي لا تحتاج سوى ثلاثمائة ريال أو ألف ريال كأقصى حد لتظل مُفعلة (شغالة على طول) بينما مسئولونا يلتهمون ملايين ومليارات الريالات ولكنهم دائماً خارج نطاق الخدمة أو التغطية.
· عديد من مسئولينا موجودون في مناصبهم منذ سنوات ولم يترك أحدهم منصبه إلا لأنه رُقي إلى منصب مماثل أو أعلى، وأكثرهم لا يرضون بأية مناصب جديدة أقل من مناصبهم السابقة، وإن لم تكن هناك مناصب شاغرة فيتم استحداث أخرى جديدة لا معنى لها ولا هدف من ورائها سوى استيعاب هؤلاء المهووسين بالمناصب العليا وحب السُلطة والنفوذ، وإلا -بالله عليكم- هل تحتاج الوزارات والمحافظات لذلك الكم المهول من الوكلاء والوكلاء المساعدين والمستشارين؟!!
· يجب أن نعترف أن السبب الرئيس لما نعانيه من فساد هو غياب فاعلية القوانين والأنظمة، حيث يعمل المسئولون من أجل أنفسهم ويتناسون مصالح المجتمع، فما يحصل أن كل من يبقى في منصبه لسنوات عديدة يكرس عمله لتحقيق مصالحه الخاصة, ويعمل على بناء " شلل " وتكتلات تابعة له تعيش على السرقات والرشى والفساد الإداري على حساب مصالح الناس، لذا نجد أغلب هؤلاء لا يوافقون على ترك مناصبهم مهما حصل وذلك حتى يعملوا على إخفاء كل ما يثبت تورطهم في الفساد. وهذه هي الكارثة الحقيقية التي نعاني منها.
· نحن بحاجة ماسة إلى تطبيق وتفعيل القوانين الهادفة محاربة الفساد ومنها قانون التدوير الوظيفي. نريد فتح الباب واسعاً للتدوير في الوظائف العليا لتحقيق التغيير الإيجابي في العمل المؤسساتي، نريد أن تكون عبارة " الدوام لله " خالصة لله وحده لا يشاركه فيها بعض مسئولينا الذين لا يتركون مناصبهم إلا إلى القبر، حيث المناصب عندهم تمتد " من المهد إلى اللحد ".
· يجب أن تكون هناك ثقافة ديمقراطية حقيقية تفرض على كل مسئول أن لا يتقلد أي منصب أكثر من أربع سنوات, بحسب ما ورد في قانون تدوير الوظائف، على أن يعمل بعد تركه منصبه نفس الفترة في ذات الإدارة تحت إمرة قيادة جديدة، لكي يعمل بنزاهة وأمانة أثناء تقلده المنصب، يعمل من أجل المجتمع ومن أجل المصلحة العامة التي تُرضي الجميع.. فهل نحن فاعلون؟!