انتهت كأس الخليج، تماماً مثلما تنتهي كل لحظاتنا الجميلة سريعاً، ولعل جمالها في سرعتها، فذاك هو سر جمالها، حين تمضي كخاطر أو كلمح البصر، نتشبث بذكرياتنا فيها وما أجمل ما شاهدناه في اليمن.
بالأمس، دانت البطولة لـ(الأزرق الكويتي) لتنصف جيلاً تباهي به بلاده، يضم كوكبة من اللاعبين المميزين، يزدانون بعناصر الخبرة والشباب، سواء الكابتن نواف الخالدي أو الجناح المميز فهد العنزي ومساعد ندا وجراح العتيقي وطلال العامر والمشعان ويوسف ناصر والمطوع وعريس النهائي وليد علي الذي سجل هدف الفوز، وغيرهم من التوليفة التي لن تكون كأس الخليج بالنسبة لها نهاية المطاف بعد أن حقق هذا الجيل ما عجزت عنه أجيال كانت أكثر سطوعاً في الماضي، لتحقق لبلدها «النجمة العاشرة» وهي النجمة التي سيزداد سقف طموح الكرة بسببها، وسيكون لها أثرها على صعد أخرى، في مقدمتها الصعيد الآسيوي الذي يحل في الدوحة الشهر المقبل.
كما أنصفت هذه البطولة المدرب جوران الذي استحق فريقه اللقب عن جدارة، بعدما تفوق في المباراة النهائية على بيسيرو، وكان الأزرق الأفضل أداء ونتيجة.
وبانتهاء كأس الخليج، والكشف عن البطل، عادت الفرق والوفود، لتدخل مرحلة مراجعة مع النفس، فبعد البطولات، يبدأ الحساب، وأعتقد أن الأشقاء في اليمن، وبعد أن نجحت بطولتهم، لن يغضوا الطرف عما حدث لـ«الأحمر» في البطولة بعد أن ودعها من الدور الأول بثلاث هزائم وعدد غزير من الأهداف، وفي الوقت الذي نشيد فيه بما قدموه للبطولة، فنحن معهم ونشد على أيديهم في ضرورة محاسبة المنتخب الذي كان الفريق الوحيد في البطولة الذي يعني كل الخليجيين، وكان من المفترض أن يشهد نقلة نوعية، لا هزة كتلك التي أصابته، وجعلته يقدم أقل مستوى ربما في تاريخ مشاركاته الخليجية قاطبة.
اليمن مثلما استحق النجاح الذي كان عنواناً لبطولته، يستحق أيضاً منتخباً بإمكانه أن يمثل البلاد خير تمثيل، وإذا كان ما حققه الفريق في البطولة الأخيرة، جاء في ظل استضافة البلاد للبطولة وبعد برنامج إعداد وإنفاق لم يسبق له مثيل، فماذا هو فاعل في الظروف العادية.
اليوم، ونحن نحتفل بالبطل، ونقول له هنيئاً بطولتك الجديدة التي أودعتها خزائنك، علينا أيضاً أن نقف وقفة مع الأخير، والذي جاء مفاجأة هذه المرة، بعد أن حصل المنتخب اليمني على مركزه بجدارة أحزنتنا مثلما أحزنت كل اليمن، ومثلما البطولة فرصة ليستعرض البلد المضيف منجزاته وتاريخه أمام الضيوف، فهي أيضاً فرصة أمام من يمثلون البلد للتأكيد على أنهم يتطورون، وهو ما لم يفعله المنتخب اليمني.
والوقفة التي نريدها، هي بالطبع وقفة هادئة، لا تنال من استقرار الكرة اليمنية ومن النجاح الذي حققته البطولة الخليجية، وإنما تأخذ منها قوة دفع تخوض بها التحديات المقبلة، وهي كثيرة، وإن خذلك الحظ على أرضك، فليس عليك سوى أن تصالح الجماهير على أرض غيرك.
كلمة أخيرة:
أمس الأول، أشادت واحدة من كبرى المجلات العالمية، وهي «التايم» بالدور الذي فعلته «خليجي 20» في اليمن، وكيف أنه تجاوز الحدود الضيقة لمباريات الكرة، ليمنح اليمن فرصة جديدة في الحياة، ويؤكد انتهاء النعرات الانفصالية.. ماذا تريدون من البطولة أكثر من ذلك؟.
mohamed.albade@admedia.ae
"الاتحاد"